Description:
يشكل التكفل بالمواطن وخدمته حجر الأساس بالنسبة للدولة ، لذا كان لزاما عليها أن توظف لخدمته ضمانا لحسن سير المجتمع ، ويعتبر الجهاز الإداري الذي يعرف "بالإدارة العامة " بمثابة الجهاز أو الإدارة التي تمكن الدولة من القيام بإلتزاماتها إتجاه مواطنيها.
تأخذ الدولة إذن على عاتقها حل مشاكل المجتمع حاضره ومستقبله ، ومن جميع النواحي وذلك بغية رفع مستوى معيشة المواطن وخدمته ، إلا أن تزايد وتضخم وظائفها أدى إلى تزايد أهمية الإدارة العمومية كأداة لتنفيذ سياستها.
وأهمية الإدارة لا تكمن في الخدمات ىالمتعددة التي تقدمها للمواطن عن طريق المرافق العمومية (كالجامعات ، المستشفيات .....الخ فحسب ، بل لكونها أضحت بمثابة الهيئة الوحيدة من بين كل الهيئات العمومية3 التي يجد المواطن نفسه على إحتكاك يومي بها ، بحيث لا يستطيع بأي حال من الأحوال ، ومهما أوتي من وسائل الكسب أن يستبعدها أو يعرض عن التعامل معها بسب وجودها الدائم في حياته من لحظة الميلاد إلى تاريخ الوفاة .
فهو إذن في علاقة جبرية وحتمية معها 1، لا يستطيع صدها بوصفها أداة تهدف إلى إشباع حاجاته وخدمته تمس الإدارة وتؤثر في حياة وممارسات كل إنسان لتحقيق غاياته ، ومن هذا المنطلق تحتل العلاقة بين الإدارة و المواطن مكانة معتبرة في أي مجتمع من المجتمعات ومن بينها الجزائر .
ويظهر ذلك جليا من خلال المجهودات التي بذلتها الدولة الجزائرية ، ولا تزال في هذا المجال تمحورت في جملة من الإصلاحات الإدارية التي إنتهجتها بهدف التكفل بخدمة الإدارة للمواطن وإعادة خلق الثقة بين الطرفين ، وهو الإتجاه الذي ظل مفقودا في ظل إدارة الإحتلال بسبب بعدها عن المواطن ، و إنشغالها بتحقيق أهداف إستعمارية بحتة خلقت الكثير من الأفكار السلبية بخصوص التعامل مع الإدارة نتيجة مظاهر التسلط التي ميزتها ، والتي إمتدت آثارها حتى إلى ما بعد الإستقلال2
عقب إفتكاكها للإستقلال ، لم تتمكن الجزائر من تفادي العديد من الإنتقادات لإخفاقها بالتكفل الحقيقي بمشاكل المواطنين ومتطلباتهم ، وهي المعادلة التي وصفها البعض بالصعبة التحقيق بين كل من الدولة – الإدارة و المواطن .3
سيما في ظل الهياكل الهشة التي ورثتها و بالأخص الإدارية منها ، كشغور الإدارة ، هجرة الإطارات و تفشي البيروقراطية التي وصفت بها الإدارة الجزائرية 1 و التي أرجعها البعض خلال ميثاق 1964 إلى ورثة النظام الفرنسي كما أدى إحتكار السلطة و إنعدام الإطارات و الكفاءات على مستوى الإدارات القريبة من المواطن إلى إنتشار أفات عديدة كالروتين ، الإهمال ، سوء المعاملة .
لأجل ذلك شكلت مسألة تحسين علاقة الإدارة بالمواطن إحدى أهم محاور الإصلاحات التي إعتمدها المشروع الجزائري لإصلاح نقائص و عيوب الإدارة في تعاملاتها ، رغبة منه في الحد و القضاء على الآثار السلبية التي تفشت على مستواها و الإلتحاق بالركب الحضاري للدول المتقدمة في مجال الخدمات الإدارية .
و في ظل الإصلاحات الإدارية المعتمدة إحداث هيئة مجلس الدولة 2 بهدف تحقيق العدالة الإدارية و تقريب الإدارة من المواطن و إنصافه بإعتباره طرفا ضعيفا في العلاقة ، إلى جانب العديد من الإصلاحات البارزة المجال ، و لعل أبرزها التكريس الدستوري لمبدأ عدم تحيز الإدارة لضمان حيادها3 مثل هذه الإصلاحات و الإتجاهات تتطلب من باب مبدأ المساواة أن تأخذ علاقة الإدارة بالمواطن منحنى و مظهر مغاير لما كانت عليه في ظل المرحلة الإستعمارية و دراسة موضوع العلاقة هو الأخر يتطلب الوصول إلى حقيقة مفادها أن تكون الإدارة في خدمة المواطن .
و إعتمادها على بعض الآليات التي من شأنها أن تجعل إدارتها أكثر فعالية و تأهيلا لخدمة متعامليها التي أضحت أكثر تطلبا من متعاملي الأمس ، نذكر منها و على سبيل المثال ، الإدارة الإلكترونية و إنشاء ما يعرف بالشباك الإلكتروني 1 و المتصفح للإصلاحات الإدارية المطبقة في الجزائر 2 ، يلاحظ بأن عملية تحسين العلاقات بين الإدارة و المواطن و تأطيرها القانوني إنطلقت مع بداية الثمانينات ، في ظل ما عرف بسياسة تقريب الإدارة من المواطن من خلال إحداث هياكل إدارية وأدوات قانونية متنوعة و العمل على تقريب الإدارة من المتعاملين تبنى نص المرسوم رقم 88-131 لـ7/4/1988 المنظم للعلاقات بين الإدارة و المواطن 3 و الذي أعتبر بمثابة أهم نص عرفه القانون الإداري الجزائري في إطار إعادة المصالحة الغائبة بين الإدارة و المواطن .