dc.description |
يتسم عالم التجارة بالحركيـة التي تقتـضي وجـود ضوابـط قانونية تمتاز هي الأخرى بالمرونة، والحاجة إلى هذه القواعد المرنة يعود بالأساس إلى مضمون الحياة التجارية ذات الطبيعة الخاصة سواء من حيث الأشخاص أو الأعمال.
وقد تبلورت الحاجة إلى مثل هذه القواعد منتجة ما يعرف بالقانون التجاري، الذي لم يظهر كقانون مستقل يتميز بالخصوصية إلاّ في عهد قريب، وذلك تحت تأثير الضرورات العملية والحاجة الاقتصادية الملحة التي تطبع الحياة المعاصرة وقد جاء لتنظيم العالم التجاري الذي يتوسع فيه مفهوم التجارة ليشمل عمليات الإنتـاج الخاصـة بالميـدان الصناعـي، وتداول الأموال المعنوية التي أصبحت من ضرورات النشاط الاقتصادي، هذا فضلاً عن المفهوم التقليدي الذي كان ينحصر في العمليات المتعلقة بتداول وتوزيع الثروات أو ما يعرف بالمفهوم الاقتصادي للتجارة .
وتمتاز دراسة القانون التجاري بالصعوبة بالنظر إلى عدة أسباب، لعل أهمها أن معالجة مواضيعه تكون قاصرة إذا ما تمت بعيداً عن باقي القوانين ذات الصلة والتي يتصدرها أساساً التقنين المدني الذي يعد الشريعة العامة التي يستند عليها لتغطية النقص الذي من المحتمل أن يعتري نصوصه .
وما يهمنا نحن في هذا المقام هو تلك القواعد القانونية التي أوردها المشرع التجاري لتنظيم العمليـات الـواردة على المحل التجـاري، الذي يرى جانب من الفقه أن الفضل في ظهور فكرته يرجع إلى التجار أنفسهم لا إلى رجال القانون، فهم الذين تصوروا لأول مرة إمكانية انتقال المحل التجاري إلى الغير بكل عناصره وبكل القيم التي ينطوي عليها، أما المشرع فلم يفعل سوى أنه استجاب لتطور الحياة .
إن الوجود الواقعي للمحل التجاري يعود إلى عهد قديـم، وذلك بالنظر إلى حاجة التاجر إلى مكان الممارسة التجارية وكذا إلى المعدات والبضائع التي تستخدم في التسهيل والاستغلال والتداول ومما لا شك فيه أن التاجر كان دائماً يعلق أهمية كبيرة على العملاء كما أنه كان يسعى إلى التعرف على رغباتهم وإرضائهم من أجل المحافظة عليهم غير أنه ولزمن طويل لم يحاول أحد التقريب بين العناصر المختلفة اللازمة للاستغلال التجـاري على اعتبار أنها مجموع واحد يختلف النظر إليه عن النظر إلى كل واحد من العناصر التي يتركب منها، مما ساهم في تأخر ظهور المفهوم القانوني للمحل التجاري ويعود ذلك بالأساس إلى كون المشروعات التجارية كانت محدودة الأهمية لذلك تأخر التعامل في المحل التجاري سواء ببيعه أو رهنه أو إيجار تسييره كوحدة متكاملة وهذا إلى غاية أو أخر القرن 19 إذ استقر الفقه, والتشريع على أن المحل التجاري هو عبارة عن فكرة معنوية تنطوي تحتها مجموعة الأموال المخصصة لغرض الإستغلال التجاري وهذه المجموعة تتضمن نوعين من العناصر، عناصر مادية كالسلع والمعدات, وعناصر معنوية, هي الأهم كالإتصال بالعملاء, والاسم التجاري, والشهرة التجارية وغيرها .
إن التاجر لا يقتصر في استغلاله لمحله التجاري بنفسه باعتباره تاجراً يمارس نشاطاً تجارياً ما, وإنما يمكن له أن يستغل المحل التجاري باعتباره ملكية تجارية بطرق أخرى من شأنها أن تحقق له دخلاً, كما يمكن أن يتصرف في هذا المال عن طريق البيع، أو المقايضة، كما يمكن له أن يحصل على إئتمان بواسطة رهنه رهناً حيازياً دون أن تنتقل حيازته للدائن المرتهن،أو أن يؤجر محله التجاري إيجاراً حراً وهو ما يسمى بالتسيير الحر.
يمكن تقديم المحل التجاري كحصة في الشركة على سبيل التمليك وهذه العملية تمس بعدة مصالح متضاربة ومن أجل ذلك تدخل المشرع لتنظيم هذه العملية سواء بطريق مباشر أو غير مباشر وذلك بالإحالة إلى الأحكام المتعلقة ببيع المحل التجاري بقصد حمايتها ومحاولة إيجاد معادلة قانونية متوازنة تصون تلك المصالح عن طريق منح كل طرف ميكانيزمات معينة يؤدي استخدامها بطريقة قانونية إلى تحقيق تلك الغاية .
وتتمثل هذه المصالح في مصلحة كل من دائني مقدم الحصة ذلك أن المحل التجاري يعتبر من أهم أملاك التاجر المدين و بالتالي من أهم ضمانات الدائنين له وقد يؤدي تقديمه كحصة إلى الإنقاص من الضمان العام لهم , كما أن مصلحة الشركاء تلعب دورا هاما وذلك تفاديا أن يقع هؤلاء في غلط فيما يخص قيمة المحل التجاري المقدم كحصة . وأخيرا مصلحة مقدم المحل التجاري في أن يتحصل على حقوق في الشركة تتناسب وقيمة المحل التجاري المقدم.
لذلك اخترنا موضوع تقديم المحل التجاري كحصة في الشركة لأهميته وحيويته في شأن إستمرارية النشاط التجاري في الحياة الإقتصادية خاصة من ناحية وتنشيط وحماية عمليات الإئتمان وهي أحد عناصر هذا النشاط .
وانطلاقاً من هذه الفكرة قمنا بإعداد هذا البحث لتوضيح اتجاه المشرع الجزائري فيما يتعلق بهذه النشاطـات، من خـلال استقراء نصوص القانون التجاري المنظمة للمعاملات الواردة على المحل التجاري، والذي سلك في ذلك مسلك المشرع الفرنسي، |
fr_Fr |