Description:
إن الحيـاة التجـاريـة المعـاصرة ولما لهـا مـن أهميـة في بنـاء إقتصـاد الدول وتحريـر حركـة رؤوس الأموال وبذلك بنـاء تعـاون تجاري دولي فإنها تحتاج إلى تقنيات ووسائل فعالة سواء من حيث الإبرام الإتفاقيات والعقود وتنفيذها من اجل إحداث الاثار القانونية المرجوة من هذه التصرفات القانونية ، أو من حيث الطرق المستخدمة في حل النزاعات التي قد تنشأ عن مثل هذه التصرفات التي تتسم بأنها دولية.
بحيث نجد بأن من أهم التصرفات القانونية التي تحكم الحياة الاجتماعية العقود مهما كانت طبيعتها مدنية أو تجارية ، ومتى كان في نطاق القانون الخاص "أي بمعنى القانون الداخلي" وفي دائرة المعاملات المالية خضع العقد للنظرية العامة للإلتزام التي تنظم أحكام العقود بصفة عامة في التشريع الجزائري ، وترتيبا على ذلك لا تطبق هذه الأحكام على العقود التي تكون في مجال القانون العام كالمعاهدات الدولية أو العقود الدولية خاصة من ناحية التنفيذ أو من ناحية الإجراءات والأحكام الواجبة التطبيق لدى وقوع النزاعات وذلك بسبب لإختلاف جنسية المتعاقدين وبذلك إختلاف وتباين في القوانين التي تحكم العلاقة التعاقدية وتحكم كل طرف منهم في حالة وقوع نزاع بينهم.
وكما نعلم فأن الدول لها أنظمة قضائية وقانونية من أجل تحقيق العدالة من خلال الضمانات التي يكرسها القانون لحقوق المتنازعين، فالمشرع الجزائري مثلا نجده نظم أحكام التصرفات القانونية التي هي العقود ضمن قواعد القانون المدني تحت عنوان "النظرية العامة للإلتزام " والتي عبر عنها بأنها عقود تتضمن تطابق إرادتين لإحداث اثار قانونية، كما خص العقود التجارية إلى جانب القواعد العامة بقواعد ذات طبيعة خاصة نظرا أن للعقود التجارية المحلية أو الدولية منها خصائص تجعلها تنفرد ببعض الأحكام التي قد لا توجد في باقي العقود الاخرى.
كما نجده كذلك نظم الأحكام التي تحكم العلاقة القانونية التي يكون احد أطرافها أجنبي لا يخضع للتشريع الوطني وذلك من خلال ما جاء النص عليه في القانون المدني الكتاب الأول الباب الأول "اثار القوانين وتطبيقاتها" الفصل الأول والثاني الخاص بتنازع القوانين من حيث المكان والزمان من أجل ضبط القانون الواجب التنفيذ في حالة وقوع نزاعات ذات العنصر الأجنبي.
غير أن اللجوء إلى القضاء وإن كان مكفولا بضمانات من الدولة لا يخلو من بعض السلبيات التي هي عائق أمام خصوصية الحياة التجارية من سرعة وإئتمان.
بحيث تتميز الإجراءات القضائية ببطء الإجراءات وإطالة أمد التقاضي بسبب الشروط الشكلية والنصوص الجامدة في القوانين الواجبة التطبيق، ولذلك يكون تطبيقها على المعاملات التجارية محلية كانت أو دولية فيه نوع من التذمر بين أطراف العلاقة التعاقدية الذين يتعاملون فيما بينهم على أساس الثقة المتبادلة ويريدون أن تكون إجراءات حل نزاعاتهم تتسم بالسرعة لا البطء.
ومن ذلك فقد قامت أغلب التشريعات بخلق مناخ أمام المتعاقدين لتنفيذ إلتزاماتهم التعاقدية المحلية أو الدولية بعيدا عن الصعوبات القضائية التي تعترض طريقهم في حالة اللجوء إلى القضاء لحل نزاعاتهم خاصة التجارية منها، لذلك كان مايسمى " بالطرق البديلة لحل النزاعات" وهذه الطرق يكوم الأخذ بها مهما كانت طبيعة النزاع القائم ، ذلك أن هذا الطريق الغير قضائي في حل النزاعات يكون أكثرإيجابية وبأقل جهد ووقت وتكلفة ممكنة وكذا هو أكثر سرية حفاظا على سمعة المتعاقدين في الوسط المهني. ولذلك يلجأ الأطراف في أغلب النزاعات إلى الطرق البديلة لتسوية نزاعاتهم نظرا لما تكتسبه من إيجابيات وسرعة في حل النزاع وتحقيق العدالة بين المتنازعين.
ونجد أن التشريع الجزائري قد نص على الطرق البديلة لحل النزاعات في قانون الإجراءات المدنية والإدارية من خلال الكتاب الخامس " الطرق البديلة لحل النزاعات " الباب الأول " الصلح والوساطة " والباب الثاني "التحكيم" بحيث في هذا القانون نظم المشرع الجزائري جميع الإجراءات والأحكام الخاصة بهذه الوسائل البديلة.
وإن من أهم الدوافع التي دفعت بي لإختيار الموضوع هو أن المعاملات التجارية أصبحت ذات حيز واسع من خلال إنتشار العلاقات الدولية في المجال التجاري وأن الجزائر تحاول خلق بيئة تتماشى ومتطلبات الحياة التجارية الدولية للنهوض بالإقتصاد الوطني من حالة الركود التي يعانيها من خلا إنشاء علاقات تجارية دولية عن طريق ابرام عقود تجارية دولية سواء بين أشخاص طبيعيين أو بين أشخاص معنوية .
وكذلك من أجل التصدي ومعرفة مختلف القوانين والقواعد التي وضعها المشرع الجزائري والتي تنظم علاقة الطرف الوطني مع الأجنبي اللذان يجمع بينهما عقد في المجال التجاري وكذا لمعرفة مدى نجاعة هذه القوانين والقواعد في تحقيق العدل والحفاظ على حقوق الطرف الوطني أمام الطرف الأجنبي الذي قد يكون في مركز قانوني أقوى.