Description:
تعتبر الصفقات العمومية وسيلة أساسية لتجسيد البرامج التنموية وتحقيق التنمية الشاملة للدولة، لكن في نفس الوقت أصبحت في بعض الدول، و منها الجزائر، أبرز مجال لتفشي ظاهرة الفساد بصوره المختلفة، لقد أولى المشرع الجزائري أهمية خاصة للصفقات العمومية لما لها من أهمية كبرى في اقتصاد البلاد ويبدو ذلك جليا من خلال الّنصوص القانونية التي صدرت في حقب زمنية مختلفة و في مراحل اقتصادية وسياسية مختلفة فالصفقات العمومية تخضع لطرق إبرام خاصة و لإجراءات في غاية من التعقيد، كما أنها تخضع لأطر رقابية خاصة داخلية وخارجية و تخول جهة الإدارة مجموعة من السلطات الاستثنائية غير المألوفة في عقود أخرى.
وبما أن مجال الصفقات العمومية يشكل أهم مسار تتحرك فيه الأموال العامة فإنه بذلك يعد مجالا حيويا للفساد بكل صوره، وهو ما أدى إلى اهتمام المشرع بتجريم مختلف المخالفات المتعلقة بالصفقات العمومية، فبرز ذلك من خلال تعديل قانون العقوبات بموجب القانون 01-09 الصادر بتاريخ 26 جوان 2001، الذي استحدث مجموعة من المواد نصت في مجملها على تجريم وقمع المخالفات التي ترتكب أثناء إبرام أو تنفيذ الصفقات العمومية. غير أنه وتماشيا مع السياسة الدولية الرامية إلى مكافحة الجرائم المتعلقة بالفساد صدر في الجزائر القانون رقم 06-01 المؤرخ في 20 فيفري 2006 والمتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، والذي جاء نتيجة لمصادقة الجزائر بتاريخ 19 أفريل 2004 بواسطة مرسوم رئاسي، على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المعتمدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك يوم 31/10/2003، وقد وضع هذا القانون نصوصا خاصة بتجريم المخالفات المرتكبة في مجال الصفقات العمومية، ملغيا بذلك نصوص قانون العقوبات التي تنص على نفس التجريم، كما وضع مجموعة من المعايير التي يجب أن تؤسس عليها الصفقات العمومية وذلك من خلال المادة 09 منه.
ونظرا لحساسية وصعوبة اكتشاف أساليب الفساد في الصفقات العمومية تبقى المقاربة القانونية لمكافحة الفساد في الصفقات العمومية ليست الكفيلة وحدها لمعالجة الظاهرة، بل لابد من توافر وتضافر الجهود للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة لحماية المال العام.