Description:
شهد الربع الأخير من القرن العشرين وبشكل أكثر تحديد عقد التسعينات العديد من التغيرات العالمية السريعة والمتلاحقة والعميقة، في آثارها وتوجهاتها المستقبلية فالاقتصاد العالمي تحول بالفعل إلى قرية صغيرة متنافسة الأطراف بفعل الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، وأصبح هناك سوق واحد يوسع دائرة ومجال المنافسة لكل المتعاملين الدوليين وأصبح اللاعبون الفاعلون في السوق العالمية ليس فقط الدول والحكومة بل منظمة عالمية وشركات متعددة الجنسيات وتكتلات اقتصادية عملاقة والكل يحاول توحيد سلوك اللعبة والتعامل ويسعى بكل قوة إلى إزالة القيود بكل أشكالها وتجريد المعاملات في ظل التحول نحو آلية السوق وقد نتج عن كل ذلك مفهوم جديد لا يزال يثير جدلا واسع النطاق حوله من حيث تحديده وآثاره وأبعاده، ألا وهو مفهوم العولمة الذي لا يمكن استيعابه إلا في ضوء تلك التغيرات وفي إطار تزايد الاعتماد الاقتصادي المتبادل، وتكون الأسواق العالمية وتحركات الأسعار والتغيرات في حجم ونوعية لإنتاج وتوجهات التجارة العالمية وتحركات رؤوس الأموال، التي تستخدم بشكل مؤثر في المضاربة الدولية وبناءا على ذلك انتشرت العولمة على كافة المستويات الإنتاجية والتمويلية والمالية والإدارية، ومن ناحية أخرى تعددت أنواعها ومجالات تطبيقها فهناك العولمة الاقتصادية التي تبقى هي الأساس والتي تنقسم بدورها إلى العولمة الإنتاجية والعولمة المالية.
كما شهد هذا الربع العديد من التغيرات والتطورات العميقة والسريعة على الجهاز المصرفي حيث وضعت البنوك أصابعها ضاغطة على مفاتيح التقدم في القطاعات الاقتصادية، و أصبحت في مجموعها تكون حلق تفاعل داخلها في شتى مجالات النشاط الاقتصادي، وكلما نما واشبع هذا النشاط تبعا لذلك حساباتها وتمددت خدماتها وأصبح لها أهمية نتيجة للدور الذي تلعبه في التنمية الاقتصادية وفي تقدم الدول وتمويل الاقتصاد الوطني، ولان العولمة الاقتصادية لها تأثير أكبر على الأنواع الأخرى للعولمة فهي بمثابة الأداة الرئيسية الأكثر فعالية في مسيرة العولمة لهذا نجد أن لها آثار كبيرة على الجهاز المصرفي، وتماشيا مع أحداث الساعة ونجد أننا نحو موضوع العولمة الاقتصادية ومحاولة معرفتنا لخباياها قد تمحورت دراستنا حول الإشكالية الرئيسية التالية:
ما المقصود بالعولمة المالية ومامدى تأثيرها على الجهاز المصرفي ؟